أدلة وجود الله خلق الإنسان ( 4)

أدلة وجود الله خلق الإنسان ( 4)







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فأدلة وجود الله كثيرة جدا و كل شيء في الكون يدل على وجود الله سبحانه وتعالى، إذ ما من شيء إلا وهو أثر من آثار قدرته سبحانه، وما ثم إلا خالق ومخلوق ، و الله رب كل شيء قال تعالى : ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ﴾[1] .

و من أوضح الأدلة على وجود الله و أقواها هو خلق الإنسان و قد قال تعالى : ﴿و فِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾[2] أي و في أنفسكم أيها الناس من الدلائل والبراهين المتمثلة في خلق الإنسان وأطواره التي يمر بها من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى طفل إلى شاب فكهل و في إدراكه و سمعه وبصره ونطقه إنها آيات أخرى دالة على وجود الله و توحيده و قدرته على البعث و الجزاء[3] و في الآية إنكار الله على من ترك التبصر والتفكر في خلق النفس الإنسانية .

و الناس تتباهي في عصرنا بما حققوه من إنجازات في مجال أنظمة الاتصالات وأجهزة الحاسوب وشبكات المعلومات وشبكات الطاقة الكهربائية ،و إن تركيب و طريقة عمل أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أولى بالتباهي و العجب و لما لا و جسم الإنسان هو من ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾[4] ، و كما أن اللوحة الفنية الجميلة تنطق أن لها فنان مبدع فجسم الإنسان ينطق بأن له خالق مبدع .

انظروا إلى الأنف كيف أحكم الله خلقها ليتناسب مع وظيفتها ، فالهواء يدخل من ثقبين بين العينين لكن العليم الحكيم غطى هذين الثقبين بالأنف ، وجعل النصف الأعلى من الأنف عظماً ، حتى لا تضغط الريح على هذا الغطاء ، فتسد الثقبين ، فيمتنع التنفس ، كما يُشارك عظم جدار الأنف في حماية العينين ، وفتح الأنف باستمرار لدخول الهواء ، إذ لو كانت الأنف كلها من عظام لما تمكنا من إخراج المخاط ، وجعـل الخالق جدار الأنف مائلاً لكي يصطدم الهواء بالجدار المائل ، فيرده إلى الحواجز الداخلية ، ليصطدم بها ، فيلامس الهواء الداخل المخاط المُبطِّن لجـدار الأنف ، فتلتصق به الجراثيم والأتربة ، فيتصفى الهواء قبل دخوله .. وفي الشتاء تتكاثر الدماء في الأنف ، فنراها مُحمرة ، وذلك لتدفئة الهواء الداخل ، وفي الصيف تقوم الأنف بترطيب وتبريد الهواء الجاف أو الحار .

و تأملوا في التركيب الأساسي للعين وهو مدهش وشديد التعقيد ، ولسوف تدرك أن آلة التصـوير التلفزيونية ما هي إلا مُحاكاة بدائية لعملية الإبصار التي تتم عن طريق العين ! 
و تأملوا كيف حُميت العين من الخارج بسياج من عظـام الحاجب والأنف والوجنة ، ثم ارجـع البصر كرتين في كيفية تهيئتها لأداء وظيفتها لتقف على العجب العجاب من صنع الله عز وجل ! 
إن حدقة العين تتسع تلقائياً في الضوء الخافت وتضيق في الضوء الساطع ، لحاجتها إلى كمية كبـيرة من الضوء في عميلة الإبصار في الحالة الأولى وعدم حاجتها إلى ذلك في الحالة الثانية . 
وإن الشبكية تتكون من تسع طبقات مختلفة لا يزيد مجموعها عن سمك ورقة رقيقة . وإن الطبقة التي في أقصى قاع العين تتكون من الملايين من الأعواد والمخروطات منتظمة في تناسب مُحكم يمكنـها من أن تميز الألوان ، ويتولى العصب البصري نقل هذا الإحساس إلى مركز معين في المخ يُترجم الإحسـاس إلى صورة مرئية تبصرها العين بوضوح ، وإن كل هذه التنظيمات العجيبة لا بد أن تعمل في وقت واحد وإلا لاستحالت الرؤية .

و لنأتي إلى الحديث عن الدم لنرى بديع صنع الله إذ تصل كمية الدم فى جسم الإنسان إلى حوالى (5لترات) ويصل وزنها إلى (60) كيلوجرام وتتجلى قدرة الله فى خلق الدم وتكوينة , فكل كرة دم من كرات الدم الحمراء فتحوى 300 مليون جزىء هيموجلوب , ويبلغ عدد كرات الدم الحمراء في الرجل حوالي خمسة مليون خلية فى المليمتر المكعب أما عددها في المرأة فهي حوالي أربعة و نصف مليون في المليمتر المكعب ، ويزيد عدد كرات الدم الحمراء في الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن المرتفعة بسبب نقص نسبة الأكسجين في بيئتهم ودم الإنسان يقطع مسافة تصل إلى 9 آلاف كيلومتر يومياً عبر الأوعية الدموية المختلفة. ومكونات الدم كثيرة منها على سبيل المثال كرات الدم الحمراء التى يصل عددها رقم مهول فعلى الرغم من ان حجم كرات الدم الحمراء صغير جدا ولكن اذا جرى ترتيبها فى صف واحد على خط الإستواء فانها ستحيط بخط الإستواء سبع مرات وذلك بالنسبة لإنسان واحد, ولنتتدبر عظمة خلق الله ورحمته فى خلق كرات الدم الحمراء وقدرتها على الانضغاط فخلايا الدم الحمراء لها من المرونة مما يجعلها قادرة على المرور فى الشعيرات الدموية والتى يصل نصف قطرها من (4-5) ميكروميتر رغم ان نصف قطركرة الدم الحمراء يصل الى (7.5) ميكروميتر, ويصل عمر خلية الدم الحمراء الى (120) يوما تقوم فيها باكثر من مائة وستون الف رحلة والعجيب ان هذة الخلية عند تكوينها يكون لها نواة تزول هذة النواة بطريقة كيمائية معقدة قبل أن تصب داخل التيار الدموى , إذ لو ظلت هذة النواة كما هى لاحتاجت الخلية الى اكسجين وغذاءه وأساس وظيفتها نقل الغازات إلى داخل وخارج الجسم , ولذلك خلقها الله بهذة الكيفية حتى يكون هناك اقتصاد فى نقل الأوكسجين والغازات, ويوميا يتم خلق أكثر من ألف مليار خلية لتعويض ما ينقص ويتلف منها. والماء يكون حوالى 70% من الجسم البشرى وهذا يضبط كيمياء السوائل داخل الجسم فمثلا إذا كانت درجة لزوجة الدم أعلى قليلا مما هى عليه لكان من المستحيل على الدم أن يتنقل بسهولة فى الشعيرات الدموية .

ولنأتي إلى الحديث عن الرئتين لنرى بديع صنع الله إذ يصل وزن الرئتين حوالى (1.13) كيلو جرام ونسيج الرئة يحتوى على كثير من الشحوم التى تتمتع بقية حرارية عالية وفى الايام الباردة تحترق هذة الشحوم مولدة كمية كبيرة من الحرارة تكون حجابا حراريا واقيا يحول دون تبريد الجسم. وتتجلى قدرة الله عز وجل فى خلق الجهاز التنفسى فعندما نستنشق الاوكسجين فإنه يدخل 300 مليون حجرة دقيقة فى رئتينا ... ثلاثمائة حجرة و الأعجب من ذلك أن هذا العضو الرقيق لو تم بسطة بعناية وفك تلافيفه فإنه يصل إلى حجم حمام السباحة وهى مساحة تقدر أربعون مرة حجم الجسم , والعظام التى يتكون منها الأنف مصممة بطريقة حيث يمكن لهواء الشهيق أن يدور أكثر من مرة فى الأنف وبذلك يصبح دافئا . فإذا دخل الهواء باردا فإن الأنف يتولى رفع درجة حرارتة إلى اثنين وثلاثون درجة حتى إذا مر بالحنجرة و القصبة الهوائية يتواصل رفع درجة حرارتة شيئا فشىء حتى يصل إلى معاييرها المضبوطة داخل الحويصلات الهوائية .

ولنأتي إلى الحديث عن الكليتين لنرى بديع صنع الله إذ تحوى الكلية الواحدة وحدات صغيرة تسمى بالكبيبة وهى مجموعة من الأوعية الصغيرة التى يصغب تمميزها بالعين المجردة و تسمى بالنفرون وعددها يقدر بالمليونين ولو وضعت كل وحدة بجانب الأخرى لوصل طولها 80 كيلومتر تقريبا أما لو بسط سطحها الداخلى لبلغت من خمسة إلى ثمانية أمتار مع العلم أن وزن الكليتين معا يساوى مائة و أربعون جراما. ويمر على الكليتين يوميا 1930 لترا من الدم تقوم بترشيحه وتصفيته من السموم والمواد الضارة ولا يقتصر الأمر على ذلك فالكلى تعمل بزكاء وقدرة خارقة فهى تعيد المواد النافعة إلى الدم مرة أخرى بعد ترشيحه ولها ميزان دقيق فهى تلتقط مواد ذائبة فى الدم دون مواد أخرى .

ولنأتي إلى الحديث عن القلب لنرى بديع صنع الله القلب فيربط القلب مائة ترليون خلية فى الجسم الإنسانى بجانب بعضهم , ودقات القلب تصل إلى مائة ألف دقة فى اليوم الواحد, ومن دلائل قدرة الله أن كل خلية فى القلب تنبض فى وقت واحد, ولوحدث أى خطأ فى هذا الأمر لحدث تشويش كبير, وعملية ضخ الدم ليست أمرا هينا فهى تتم دون تدخل من الإنسان, ففى كل ضخة يضخ القلب 28 مللتر, وقلبنا يضخ حوالى (43000) لتر من الدم يوميا , ويبذل القلب فى ذلك الأمر يوميا قوة كافية لرفع جسم صاحبه إلى أعلى مسافة كيلومتر ونصف وبحسبة بسيطة فإن القلب يضخ ما يقدر مائتى وخمسون طنا من الدم تقريبا حسب متوسط عمر الانسان, أما عدد الأوعية الدموية فيصل عددها فى الإنسان بمائتى وستون مليار و يصل طول الشعيرات الدموية فى جسم الانسان إذا ما مدت إلى 950 كيلومتر .

ولنأتي إلى الحديث عن المخ لنرى بديع صنع الله و يتكون المخ من مادة هلامية القوام لون سطحها رمادي يميل إلى القرنفلي ولون داخلها يميل إلى الأبيض ويبلغ معدل وزنه عند الإنسان البالغ ألف وأربعمائة جرام و على الرغم من أن وزن المخ لا يشكل إلا 2% من وزن الجسم إلا أنه يستهلك 20% من الطاقة التي يولدها الجسم حيث يصله ما بين 15-20% من كمية الدم التي يضخها القلب إلى الجسم. والمخ مكون من أربعة أجزاء رئيسية وهي المخ والذي يسمى المخ الواعي والمخ البيني وجذع المخ والمخيخ والتى تسمى المخ غير الواعي و المخ هو الجزء الأعلى من الدماغ .

و المخ مكون من نصفين يفصل بينهما شق طولي كبير ويرتبط النصفان ببعضهما عند المنتصف بحزمة ضخمة من الألياف العصبية تسمى الجسم الثفني ويقدر العلماء عدد هذه الألياف (المحاور) بمائتين وخمسين مليون ليف ويتكون كل من نصفي المخ من أربعة فصوص وهي الفص الجبهي ويشكل 41 بالمائة من حجم المخ والفص الصدغي بنسبة 22 بالمائة والفص الجداري بنسبة 19 بالمائة والفص القحفي بنسبة 18 بالمائة.

ويتكون المخ من طبقتين رئيسيتين وهما القشرة المخية ولب المخ فالقشرة المخية هي الطبقة السطحية للمخ وتتراوح سماكتها بين 1.5 و 4.5 ملم وتتركز فيها أجسام العصبونات ولذلك فإن لها لون رمادي.
.

أما لب المخ فيحتوي على محاور العصبونات الموجودة في القشرة المخية والمحاور القادمة من أجزاء الدماغ الأخرى إلى القشرة المخية وهي ذات لون أبيض بسبب أن معظم هذه المحاور مغلفة بطبقة المايلين ذات اللون الأبيض.

ويوجد في لب المخ عدد من العقد العصبية التي ترتبط بالقشرة المخية وببقية أجزاء الدماغ. والقشرة المخية لها سطح كثير التجاعيد يحتوي على أخاديد وتلافيف كثيرة تعمل على زيادة مساحة سطحها إلى عدة أضعاف مساحتها فيما لو بقيت بدون هذه الأخاديد وذلك لحكمة بالغة تتضح من خلال الشرح التالي.

إن زيادة عدد الخلايا العصبية في الدماغ لا يمكن أن يتم من خلال زيادة حجمه فقط وذلك لأن ربط الألياف العصبية القادمة من مختلف أجزاء الجسم بالخلايا العصبية في طبقات الدماغ الداخلية ستزيد من تعقيد تصميمه ولذلك كان من الأسهل أن يتم توزيع أجسام الخلايا العصبية على سطح الدماغ وترك داخله لمرور حزم الألياف العصبية التي تربط بين مناطق الدماغ المختلفة وبين أعضاء الجسم.

وهذه المشكلة هي نفسها التي واجهها مهندسو الإلكترونيات عند تصميمهم لمعالجات وذاكرات الحواسيب التي تحتوي على ملايين الترانزستورات فكان الحل من خلال بناء الدوائر الإلكترونية على أسطح شذرات المواد شبه الموصلة في طبقة واحدة في بداية الأمر وعلى عدة طبقات في الأنواع الحديثة .

ولو تطلب الأمر بناء مكونات الدماغ على شكل دوائر إلكترونية بحيث يقوم الترانزستور مقام الخلية العصبية لبلغت مساحة السطح الذي تحتله على الرقائق الإلكترونية أكثر من ألف متر مربع و لكن بما أن الخلية العصبية تحتل حيزا أقل من الترانزستور وتقوم بوظائف أكثر تعقيداﹰ من الوظيفة الوحيدة التي يقوم بها الترانزستور فإن المساحة التي يتطلبها بناء الدماغ باستخدام الخلايا العصبية قد تم تقليصها إلى أقل من متر مربع .

إن باستطاعة العلماء المهتمين بدراسة المخ أن يبرهنوا على أن الطرق التي يعمل بها المخ لأداء بعض وظائفه تقوم على أسس مادية يمكن استخدامها لبناء حواسيب تقوم بنفس الوظائف إذا ما توفرت التقنيات المناسبة لذلك ولكنهم لا أظنهم يتجرؤون فيقولوا أن مثل هذه الحواسيب قادرة على القيام بوظائف أخرى يقوم بها الدماغ البشري كالإحساس بوجوده والإحساس بالمشاعر والعواطف الإنسانية المختلفة كالحب والكره والفرح والحزن وإلى غير ذلك من المشاعر .

و بعد هذا العرض الموجز نسأل العديد من التساؤلات :
هل تستطيع الطبيعة خلق كلية من كليتي الإنسان ؟

هل تستطيع الطبيعة خلق رئة من رئتي الإنسان ؟

هل تستطيع الطبيعة خلق عين من عيني الإنسان ؟

هل تستطيع الطبيعة خلق قلب كقلب الإنسان ؟

هل تستطيع الطبيعة خلق أنف كأنف الإنسان ؟

هل تستطيع الطبيعة خلق دم كدم الإنسان ؟

هل تستطيع الطبيعة خلق أذن كأذن الإنسان ؟

أيها الملاحدة إن الإنسان هو خلق الله فأروني ما الذي خلقته تلك الطبيعة العمياء الصماء البكماء . 

شبهة الملاحدة حول دليل خلق الإنسان و دحضها : 
زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلق الإنسان ، و أن الطبيعة خلقت خلية واحدة حيّة بالصدفة و تطورت هذه الخلية وتكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان و استدلوا على ذلك بأدلة لا علاقة لها بالتطور فضلا عن إثباتها صحة التطور و هي :
اختلاف الأعراق . إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ ولادة أطفال مشوهين ، معاقين ، أو غير محددي الجنس . اجتياح طوفان زمن النبي نوح عليه السلام الأرض و يستحيل أن يضع نوح عليه السلام جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي فيها فإذا لم يكن على زمن النبي نوح هذا العدد الهائل من الحيوانات فهذا يدل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح مما يثبت صحة نظرية التطور . الإنسان البدائي كان يعيش في الأدغال ويتواصل بالإشارات والرموز والأصوات تماماً مثل الحيوانات وقبل إختراع الكلام واللغة، بينما الإنسان المعاصر يعيش في المباني الشاهقة ويركب الطائرات ويتواصل بملايين اللغات منها التواصل عبر الإنترنت مما يدل على تطور عقل الإنسان وعاداته وتقاليده وسلوكه عبر الزمن . وجود بعض الحيوانات الذكية مثل الدولفين والشيمبانزي، وحيوانات ناطقة مثل الببغاء، وحيوانات تملك أجسام و أعضاء مشابهة للإنسان مثل الشيمبانزي، وحيوانات تملك الحواس الخمسة للإنسان كالنظر واللمس والشم والسمع والتذوق، مما يدل على تقارب كبير بين الإنسان والحيوان . استطاع العلماء خلق خلية حية باستخدام مواد أولية طبيعية وتركيبها باستخدام الكمبيوتر وفعلاً بدأت هذه الخلية بالتكاثر إلى ملايين الخلايا مما حل معضلة خلق الكائنات الحية وأثبت العلماء إمكانية أن الطبيعة تستطيع أن تخلق خلية حيّة بالصدفة .

و الجواب أن قولهم دعوى بلا برهان و رجم بالغيب فهل شهدوا خلق الإنسان على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأته و هل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض ، و لا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديماً قبل الحياة فكلامهم مبني على ظنون و تخمينات .


و الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة و هي شيء مادي كان سببا في نشأة الحياة و هي شيء غير مادي ؟!!!

و القائلون بأن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية ، و كونت مراحل ما قبل حياتية ،و لأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه RNA تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه RNA الاحتمال الافضل لبداية الحياة ., و أن جزيء RNA آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية ، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي ، و أدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي RNA إلى وجود اختلافات في الأجناس، و إن جزيء الـ دي إن آيه DNA لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة ، لأنه حتى يكون قادرا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك.


و هذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي و لهذا جزيء دي إن آيه DNA لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، و مع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع ، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها .

و افتراضهم أن جزيئات غير DNA تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، و أنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما ، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة و دورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة و المختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبا .


و لا يوجد علاقة بين اختلاف الأعراق و بين التطور إذ اختلاف الأعراق إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، و هو كاختلاف النبات الواحد و الحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة ،و ليس تطور نوع من نوع وتعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة .

و المناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة و عدم الاختلاط ؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد و سحب أكبر قدر من الهواء الحار و الخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء و تبخر العرق و انطلاق الحرارة.. و في المقابل يعيش شعب الاسكيمو و سكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة.. كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة ... و هكذا...

و القول أن اختلاف الأعراق دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر و الخزف و الطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد و العاج و الماء .

و سؤال الملاحدة إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ سؤال لا علاقة له بالتطور و ينم عن عدم معرفة بالعلوم الكونية فالأرض كانت موصولة فيما بينها وفصلت على مر الزمن بالمحيطات والبحار و مما يدل على ذلك تطابق حواف القارات شكلا كأنها مكملة لبعضها كأرض واحدة منبسطة منذ ملايين السنين و لذا التنقل بينها كان سهلا ،و لقد وجد العالم فاجنر أن هناك تطابقاً كاملاً تقريباً في حواف القارات الحالية وقد حاول تركيب القارات على بعضها بناءً على ما سبق وقد تطابقت أمريكا الجنوبية على أفريقيا مثلاً تطابقا ً كاملاً وفي نهاية الأمر حصل على قارة واحدة اسماها بنجايا وكان هذا قبل 200 مليون سنة ثم حصل بعد ذلك الانجراف القاري .

ووجد العلماء أن القارتين أمريكا الجنوبية و أفريقيا بعيدتان عن بعضهما و يوجد بينهما المحيط الأطلسي و مياه عميقة مالحة و أحفورة الحيوان الميزوسورس موجودة في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية و من المعروف أن هذا الحيوان يعيش في بيئة انتقالية ( أي يعيش في المياه الحلوة ) و هو زاحف لا يستطيع عبور مياه المحيط الأطلسي المالحة سباحة ولهذا فلا يوجد تفسير لوجوده و انتشاره في القارتين معاً إلا تفسير واحد وهو أن القارتان كانتا في السابق قارة واحدة متصلتان معاً ولم يكن يوجد بينهما المحيط ولا البحر وقد كان هذا قبل 200 مليون سنة ثم يعد ذلك انجراف قارة أفريقيا باتجاه الشرق وانجراف أمريكا الجنوبية باتجاه الغرب وتكون المحيط الأطلسي بينهما .
و قولهم أن ولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس تدل على تطور و تغير الصفات الوراثية و الجينية عبر الأجيال غير صحيح ، و لا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد ، و ليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر ، و تشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل : إصابة الطفل بالداء السكري ، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ ، و اختلاف فئات الدم بين الأب و الأم ، و الاضطرابات الصبغية و إصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية و التوكسوبلازما و تعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل و تناول الحامل بعض الأدوية .

و معنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما , عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض , و بعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال , ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة .

و قولهم أن الطوفان الذي حدث في زمن النبي نوح عليه السلام اجتاح كل الأرض غير مسلم ؛ لأن العذاب وقع على من كذب نوح عليه السلام فقط ، و ليس كل من عاصره ممن ليس من قومه قال تعالى : ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ فِي الفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِيْنَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِيْنَ ﴾[5]، و لاشك أن الطوفان الذي حدث عم منطقة كبيرة من الأرض بدليل أمر الله لنوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين من الحيوانات و أمره بصنع السفينة ، و ليس معنى هذا أن الطوفان عم جميع الأرض . 

و نوح عليه السلام أرسل إلى قومه فقط و ليس إلى جميع الناس قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾[6] و الله لا يهلك قوماً لم يبعث فيهم رسولاً قال تعالى : ﴿ و َمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾[7] ، ونوح عليه السلام جاء إلى قومه نذيراً ، لذلك لم يهلك الله الأقوام الأخرى التي لم يُبْعَثْ فيها نذير في زمن نوح عليه السلام .

و لا نسلم لهم أن نوحا عليه السلام وضع جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي في السفينة و عليه فلا دليل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح . 

و قوله تعالى : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾[8] يدل أن الله أمر نوح عليه السلام أن يأخذ مما كان موجودا في المنطقة التي كان بها من كل زوجين اثنين و ليس المراد أن يأخذ زوجين اثنين من كل بقاع الأرض لاستحالة ذلك و لأن ذلك فوق طاقته فالآية مخصصة بالعقل كقوله تعالى : ﴿ ُتدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾[9] أي تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته أو تدمر كل شيء قابل للتدمير مما أُرسلت بهلاكه ,و كقوله تعالى : ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾[10] أي خالق كل ما سواه و قوله تعالى :﴿ أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾[11] أي أوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا .

و التخصيص بالعقل وارد في القرآن و السنة ووارد في كلام البشر بعضهم لبعض كقول الأستاذ لتلميذه ذاكر كل شيء أي ذاكر كل شيء في منهجك الداراسي و مقررك الدراسي ، و كقول الأم لابنتها اعملي كل شيء أي اعملي كل شيء أمرتك بها .

و على التسليم باصطحاب نوح عليه السلام جميع الحيوانات من كل بقاع الأرض فلم يصطحب نوح عليه السلام سوى الكائنات البرية و الطيور التي لا تستطيع النجاة من الطوفان و لم يصطحب النباتات و الكائنات البحرية و التي تشكل قطاعا كبيرا من إجمالي الأنواع في العالم و كذلك لم يصطحب كل الكائنات المعروفة بقدرتها على النجاة من الطوفان مثل الحشرات و الديدان .

و الظاهر أن نوح عليه السلام اصطحب من كل زوجين اثنين من الكائنات التي بالبقعة من الأرض التي كان يسكنها قومه أما الكائنات التي توجد في بقاع أخرى من الأرض فلا ضرورة لحملها لعدم احتمال انقراضها بالطوفان . 

و على التسليم بظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح فهذا لا دليل فيه على التطور بل دليل على أن الله خلق كائنات جديدة لاستحالة إيجاد هذه الكائنات بدون موجد و استحالة أن تكون هذه الكائنات متولدة من كائنات ليست من نوعها ، و لم يشاهد أحد أن نوع من الكائنات نشأ من نوع بخلاف نوعه ، و المشاهد أن أي كائن حي ينشأ من كائن حي يماثله في النوع و القول بالتطور مخالف للحس و المشاهدة .

و لا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي و كل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري و كان لا يعرف الكتابة و كان و كان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي و هل كانوا معه و هل عاشروه و لو سلمنا جدلا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلا جازما أنه ينطبق على الكل .

و لو سلمنا جدلا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورا عن الإنسان في الماضي . 

و التشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلا و التشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلاً والآخر فرعاً. فلو كان إنسان يشبه إنساناً أو طير يشبه طيراً، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل، والآخر فرع؟
و التشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة , وإنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعا واحد و خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .

و هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الادعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء .

و زعمهم أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية زعم باطل فكل ما قام به العلماء هو تخليق ( و ليس خلق ) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً ؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل و مازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، و الخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية ؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد فى طبق و انتظار أن يصنع خلية مخلقة .


و فكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي : 
انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالما من جنسيات مختلفة برئاسة د فينتر - كائنا بكتيريا وحيد الخلية و هو المايكوبلازما، و انتزعوا تركيبة الحمض النووي الخاصة به خارجا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات .

و الخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى ، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

و د. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال : لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعا نحن لم نخلق حياة من العدم ؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية .



و من هنا ندرك أن زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان زعم باطل لا أثارة عليه من علم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - الأنعام من الآية 164
[2] - الذاريات الآية 21
[3] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 5/158
[4] - النمل من الآية 88
[5] - الأعراف الآية 64
[6] - هود الآية 25
[7] - الإسراء من الآية 15
[8] - هود الآية 40
[9] - الأحقاف الآية 25
[10] - الزمر الآية 62
[11] - النمل من الآية 23
__________________

 
Design by قوالب بلوجر | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codesمحترفى بلوجر