جامع الأدلة على وجود الله مع نقد شبهات الملاحدة حولها سلسلة متجددة
الحمد لله وحدهوالصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فقد فطر الله - سبحانه و تعالى - العباد على معرفته وتوحيده وتعظيمه ، وهذه هي الحنيفية التي خلق الله عباده عليها، كما قال سبحانه : ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[1] .
و من رَحْمَة الله - سبحانه و تعالى - بعباده أَن جعل الأدلة و البراهين على وجوده و ربوبيته فطرية بديهية ظَاهِرَة ، يُؤمن بهَا ويدركها أقل النَّاس علما ، بل إِن أدلة وجوده و ربوبيته سبحانه لوضوحها وظهورها تدفع الإنسان اضطرارا و فطرة إلى الإيمان به سبحانه حتى عوام الناس .
و روي أن فخر الدين الرازي كان يمشي في طريق وخلفه تلاميذ له أكثر من مائة أو مائتين، فمروا على عجوز فاستغربته وقالت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو عبد الله الرازي العالم الجليل يحفظ ألف دليل على وجود الله تعالى قالت العجوز : أفي الله شك[2] و صدق الله إذ يقول ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾[3] .
و قوله تعالى : ﴿ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ أي أيشك في الله حتى يطلب إقامة الدليل على وجوده؟ وأي دليل أصح وأظهر من هذا المدلول؟ فكيف يستدل على الأظهر بالأخفى؟ ثم نبهوا على الدليل بقولهم فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ[4] .
سبحانه أفي وجوده شك، فإن الفطر شاهدة بوجوده، ومجبولة على الإقرار به، فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة، ولكن قد يعرض لبعضها شك واضطراب، فتحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده؛ ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه ﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ الذي خلقها وابتدعها على غير مثال سبق ، فإن شواهد الحدوث و الخلق و التسخير ظاهر عليها ، فلا بد لها من صانع ، و هو الله لا إله إلا هو ، خالق كل شيء و إلهه و مليكه[5] .
و رغم أن الإيمان بوجود الله و ربوبيته أمر معترف به عند الأمم إلا أن شواذ من الناس قد أنكروه لشبه عندهم أفسدة عليهم ما تدركه الفطر و بداهة العقول فضلا عن الشرائع السماوية .
و الإيمان بالخالق ووجوده يكون فطرياً ضرورياَ في حق من سلمت فطرته، و قد يحتاج بعض الناس إلى أدلة على وجوده سبحانه عند تغير فطرهمو ما يحصل من ضلال أو انحراف في هذه الفطرة أمر طارئ على هذه الفطرة السليمة فالإنسان قد تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف عن المعبود الحقو البشر جميعا في كل العصور تجدهم يبحثون عن اله يعبدونه و هذا استجابة لنداء مرتكز وموجود فيداخلهم وهذا يفسر اتخاذ من لم يصلهم منهج واضح عن الخالق بالهة من كل صنف يعبدونهم .
و رغم أن الأدلة على وجود الله وربوبيته بديهية واضحة إلا أن الفلاسفة و أهل الكلام قد تكلفوا الأدلة وجعلوا الأدلة على وجود الله معضلةكبرى، وهي في الحقيقة من أيسر البراهينلهذا لا حاجة لتكلف الأدلة، لأن الواضح لا يحتاج إلى توضيح، والظاهر لا يحتاج إلى استظهار .
و نظرا لانتشار الإلحاد بسبب قلة العلم و ازدياد الجهل و الرغبة في التحلل و التحرر من قيود العفة و الأدب أحببت أن اذكر بعض من الأدلة على وجود الله سبحانه ناقدا ما يثيره الملاحدة حولها لعل الله يجعل هذا السفر سببا في هداية ملحدا أو تثبيت إيمان متذبذبا أو زيادة إيمان مؤمنا فاللهم وفقني و سددني و اجعل عملي خالص لوجهك
[1]- الروم الآية 30
[2]- شرح العقيدة الطحاوية لابن جبرين
[3]- إبراهيم الآية 10
[4]- التفسير القيم لابن القيم ص 54
[5]- تفسير بن كثير 4/482
المقدمة
الحمد لله وحدهوالصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فقد فطر الله - سبحانه و تعالى - العباد على معرفته وتوحيده وتعظيمه ، وهذه هي الحنيفية التي خلق الله عباده عليها، كما قال سبحانه : ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[1] .
و من رَحْمَة الله - سبحانه و تعالى - بعباده أَن جعل الأدلة و البراهين على وجوده و ربوبيته فطرية بديهية ظَاهِرَة ، يُؤمن بهَا ويدركها أقل النَّاس علما ، بل إِن أدلة وجوده و ربوبيته سبحانه لوضوحها وظهورها تدفع الإنسان اضطرارا و فطرة إلى الإيمان به سبحانه حتى عوام الناس .
و روي أن فخر الدين الرازي كان يمشي في طريق وخلفه تلاميذ له أكثر من مائة أو مائتين، فمروا على عجوز فاستغربته وقالت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو عبد الله الرازي العالم الجليل يحفظ ألف دليل على وجود الله تعالى قالت العجوز : أفي الله شك[2] و صدق الله إذ يقول ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾[3] .
و قوله تعالى : ﴿ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ أي أيشك في الله حتى يطلب إقامة الدليل على وجوده؟ وأي دليل أصح وأظهر من هذا المدلول؟ فكيف يستدل على الأظهر بالأخفى؟ ثم نبهوا على الدليل بقولهم فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ[4] .
سبحانه أفي وجوده شك، فإن الفطر شاهدة بوجوده، ومجبولة على الإقرار به، فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة، ولكن قد يعرض لبعضها شك واضطراب، فتحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده؛ ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه ﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ الذي خلقها وابتدعها على غير مثال سبق ، فإن شواهد الحدوث و الخلق و التسخير ظاهر عليها ، فلا بد لها من صانع ، و هو الله لا إله إلا هو ، خالق كل شيء و إلهه و مليكه[5] .
و رغم أن الإيمان بوجود الله و ربوبيته أمر معترف به عند الأمم إلا أن شواذ من الناس قد أنكروه لشبه عندهم أفسدة عليهم ما تدركه الفطر و بداهة العقول فضلا عن الشرائع السماوية .
و الإيمان بالخالق ووجوده يكون فطرياً ضرورياَ في حق من سلمت فطرته، و قد يحتاج بعض الناس إلى أدلة على وجوده سبحانه عند تغير فطرهمو ما يحصل من ضلال أو انحراف في هذه الفطرة أمر طارئ على هذه الفطرة السليمة فالإنسان قد تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف عن المعبود الحقو البشر جميعا في كل العصور تجدهم يبحثون عن اله يعبدونه و هذا استجابة لنداء مرتكز وموجود فيداخلهم وهذا يفسر اتخاذ من لم يصلهم منهج واضح عن الخالق بالهة من كل صنف يعبدونهم .
و رغم أن الأدلة على وجود الله وربوبيته بديهية واضحة إلا أن الفلاسفة و أهل الكلام قد تكلفوا الأدلة وجعلوا الأدلة على وجود الله معضلةكبرى، وهي في الحقيقة من أيسر البراهينلهذا لا حاجة لتكلف الأدلة، لأن الواضح لا يحتاج إلى توضيح، والظاهر لا يحتاج إلى استظهار .
و نظرا لانتشار الإلحاد بسبب قلة العلم و ازدياد الجهل و الرغبة في التحلل و التحرر من قيود العفة و الأدب أحببت أن اذكر بعض من الأدلة على وجود الله سبحانه ناقدا ما يثيره الملاحدة حولها لعل الله يجعل هذا السفر سببا في هداية ملحدا أو تثبيت إيمان متذبذبا أو زيادة إيمان مؤمنا فاللهم وفقني و سددني و اجعل عملي خالص لوجهك
[1]- الروم الآية 30
[2]- شرح العقيدة الطحاوية لابن جبرين
[3]- إبراهيم الآية 10
[4]- التفسير القيم لابن القيم ص 54
[5]- تفسير بن كثير 4/482
__________________